معوّض: تجاوبت لإعطاء بلدية زغرتا فرصة أخيرة لتغيير جذري وسريع… وإلّا الإستقالة

Posted & filed under أهم الأخبار.

دعا رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معّوض كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري لتشكيل حكومة جديدة في اسرع وقت، “تضمّ حصّة وازنة تكون أكثرية اللبنانيين من أصحاب الكفاءات والكفّ النظيف والأوادم، لكي تحدث صدمة إيجابية سياسياً واقتصادياً”.

كلام معوض جاء خلال حفل العشاء السنوي لجمعية المساعدات الاجتماعية، الجمعية التوأم مع “مؤسسة رينه معوض”، في منتجع “اهدن كاونتري كلوب”، بحضور الوزير بيار رفول، الوزيرة السابقة نايلة معوض، ممثل النائب جان عبيد رئيس بلدية علما ايلي عبيد، النائب السابق جواد بولس، نقيب المحامين في الشمال عبدالله الشامي، نقيب موظفي وعمال الكازينو كرم كرم، نقيب عمال ألعاب الميسر في لبنان جان كلود زيادة، منسق “تيار المستقبل” في زغرتا زياد ديب، رئيس إقليم زغرتا الكتائبي إيلي فرح، مرشح “الكتائب” في قضاء زغرتا ميشال باخس الدويهي، قنصل سيراليون في لبنان دونالد العبد، نائب رئيس الرابطة المارونية توفيق معوض، الاستاذ سركيس بهاء الدويهي، الاستاذ سركيس يمين، الشيخ خليل الشمر، الاستاذ سيمون كرم، منسق اللجنة الاسقفية للحوار المسيحي – الاسلامي في الشمال الاستاذ جوزيف محفوض، بالاضافة الى فعاليات اقتصادية وتربوية واجتماعية وكوادر من “حركة الاستقلال”، وحشد من رؤساء بلديات ومخاتير قرى قضاء زغرتا وحشد شعبي كبير قارب الـ2000 شخص.

معوض أكد أنه “يمكن ان نفهم اليوم أن تكون المصالح السياسية المتضاربة قد اوصلت اتفاق معراب الى العناية الفائقة، لكن لا يجوز ان يطغى التكتيك على الاستراتيجية، وسأبقى مؤمنا بأن اتفاق معراب ضرورة استراتيجية ليس فقط على الصعيد المسيحي إنما على الصعيد الوطني، وسأستمر في السعي لتقريب وجهات النظر لمصلحة الجميع”.

وأجرى ما اسماها “جردة حساب” للمسار والأداء والخطاب الذي اعتمده منذ مرحلة ما قبل الانتخابات، فأكد على صحة هذه الخيارات، التي تجلّت بعدم المساومة على شعار “لبنان أولا” على الصعيد الوطني، ومناطقياً، عدم المساومة على شعار زغرتا الزاوية” أولاً، مؤكدا اننا أثبتنا بالكلمة وبالفعل أن زمن المساومات على مصالح زغرتا الزاوية وعلى حسابها انتهى الى غير رجعة.

واضاف: “معركتنا هي ان نضع حدا لمنطق الزبائنية والتبعية. الإنماء بالنسبة لنا سياسات وتخطيط لتكون كل خطوة نقوم بها ضمن إطار مشروع هادف، وليس مشروع من هنا ومشروع من هناك. علينا مناقشة السياسات لتقديم الأفضل للجميع، وليس ان نحوّل المؤسسات العامة لباب للخدمات الشخصية على حساب المصلحة العامة”.

وقال: “لم يعد بمقدورنا الاستمرار في لبنان مع سياسيين أغنياء وشعب فقير. لا نستطيع ان نبني دولة ضمن منطق المحاصصة والصفقات والسمسرات، ولا يمكننا طلب مساعدة المجتمع الدولي ونحن لا نمارس تقشفا في إدارة الشأن المالي ولا نطبّق أي خطوات إصلاحية ولا نوقف الفساد المستشري والزبائنية السياسية”.

وطلب عدم الرهان على الحصول على المساعدات الخارجية أو القروض أو المشاريع إذا لم نبدأ بالإصلاح الجوهري داخلياً، من خلال وقف الفساد والبدء بالمحاسبة، التي تتطلب قضاء مستقلا وتفعيل دور المؤسسات الرقابية، مضيفا: “لا إصلاح حقيقيا، من دون فصل الإدارة عن السياسة”. وشدد على ضرورة وقف تسييس الأمور، كالاقتصاد، والقضاء، والرياضة والإدارة وغيرها، معتبرا أنه على الدولة ان تكون هي المرجع الوحيد للجميع، طالبا من السياسيين التوقف عن التدخل بكل الأمور لأن الصراعات السياسية تدمّر المؤسسات وتدمّر الإدارة.

معوض رأى ان الخطوة الأولى في مسيرة كسر الاحتكار في زغرتا الزاوية تحققت، ومنها سننطلق الى متابعة مسيرة الألف ميل.

وكشف انه بصدد تشكيل لقاء يضم كل مكونات زغرتا الزاوية الجغرافية والأهلية، لوضع برامج مشتركة وسياسات عامة وإنماء زغرتا وكل قرى وبلدات الزاوية.

وفيما أشار إلى أنه ضد “شخصنة” الخلافات السياسية، أكد معوض اصراره على الحفاظ على أفضل العلاقات مع النائب طوني فرنجية و”تيار المردة” رغم الاختلاف في الرؤية والنهج السياسي، مؤكدا ان يده ممدودة للعمل مع كل القوى الحزبية والعائلية والمدنية، مع الحلفاء والاخصام بالمعنى السياسي، لما تقتضيه مصلحة زغرتا الزاوية.

وأضاف: “ان التوازن في زغرتا الزاوية ليس أبدا مجرّد توازن بين قوى سياسية. التوازن هو توازن بين نهجين لإعطاء الناس حرية الخيار، وترسيخ حق التعددية، وكسر منطق الوكالة الحصرية بين الناس وحقوقها بالدولة”.

وفي ما خص موضوع بلدية زغرتا، اكد معوض اننا لن نقبل ان نكون شهود زور في المجلس البلدي، كاشفا عن قرار تم اتخاذه برفع الغطاء السياسي عن البلدية، وسيترجم هذا القرار من خلال استقالات وخطوات واضحة وعلنية مقبلة، اذا لم يتم تصحيح الوضع في المرحلة المقبلة بسرعة وبشكل جذري، مؤكدا ان هذا الأمر لن يمنعه من الاستمرار في العمل لاعادة الإنماء الى زغرتا الزاوية، موضحا ان الإنماء البنيوي والمستدام سيطال ساحل ووسط وجرد زغرتا الزاوية”.

في سياق متصل كشف معوض عن وساطة قد حصلت منذ ايام قليلة من قبل الرعية في سبيل السعي الى معالجة الامور من خلال العودة للاتفاقات المعقودة على مستوى اتحاد البلديات وبلدية زغرتا، وقال: “ان حصل هذا الامر يكون ربحاً للجميع وليس ربحا لطرف على حساب طرف آخر، فكل زغرتا الزاوية خاسرة في الوضع القائم اليوم”، لافتا الى انه سيعطي هذه الوساطة الفرصة اللازمة بكل ايجابية تحت سقف مصلحة زغرتا الزاوية واهلنا في زغرتا الزاوية وبعيدا عن اي اجندات سياسية، من دون ان نقبل او نغطي بأي شكل من الاشكال استمرار الواقع الحالي وسياسية التسويف والمماطلة.

واشار الى أن العمل بدأ على صعيد إعادة إطلاق “حركة الاستقلال” كحزب سياسي منظم ومتطور وعصري إنطلاقاً من الشمال لكل لبنان، مؤكدا ان هذا الحزب سيحمل مشروع دولة فؤاد شهاب وثوابت ونهج رينه معوض، وحلم كل شاب وشابة في لبنان بدولة عصرية وحديثة ومزدهرة.

الحفل الذي قدمته الإعلامية الزميلة رولا حداد، تخلله تكريم قنصل سيراليون في لبنان السيد دونالد العبد لمسيرته المهنية وانجازاته وعطاءاته، كما تم تكريم السيد محسن الطبيش الذي رمم وحوّل منزل بطل لبنان يوسف بك كرم الى متحف اثري. وتسلم الطالب مارسيلينو معوض مظفر جائزة تنويهية لنيله المرتبة الاولى في لبنان في تطوير التطبيقات على الهواتف الذكية، إضافة إلى جائزة أخرى للطالب ميلاد انطوان عون لحصده المرتبة الثالثة في الشمال والثامنة في لبنان في شهادة الثانوية العامة “علوم الحياة”.

هذا ودعا معوض عددا من المسؤولين في “حركة الاستقلال” الى المسرح لقطع قالب الحلوى تكريما للجهود التي بذلوها.

في الختام كانت وصلة قدود حلبية واغاني طربية مع الفنان مصطفى هلال.

وفي ما يأتي نص كلمة النائب ميشال معوض كاملة:

“اللقاء هذا العام يعني لي الكثير، لن أتطرق إلى ملف تشكيل الحكومة وتفاصيل السياسة الآنية فموقفي اوضحته منذ عدة ايام. لكن اكتفي بتوجيه دعوة صادقة من القلب باسمي وباسمكم الى رئيس الحكومة المكلّف الشيخ سعد الحريري بالتعاون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من اجل تشكيل الحكومة الجديدة في اسرع وقت، ولتكون هذه الحكومة تضمّ حصّة وازنة هي حصّة أكثرية اللبنانيين من أصحاب الكفاءات والكفّ النظيف والأوادم، لتتمكن فعلاً من احداث صدمة إيجابية سياسياً واقتصادياً لجميع اللبنانيين وتواجه جميع التحديات الإصلاحية والاقتصادية التي تنتظرنا.

اردت الليلة ان نجري سوية أول جردة حساب لكل مسارنا وأدائنا وخطابنا في المرحلة الاخيرة، وخصوصاً منذ مرحلة ما قبل الانتخابات والخيارات التي اتخذناها حتى اليوم، وتكون هذه الجردة بعهدتكم وبعهدة الرأي العام اللبناني والشمالي والزغرتاوي. وهذه الجردة سنجريها امام أصدقائنا من كل الأطراف السياسية ومن كل التموضعات لأنه ليس لدينا ما نخفيه.

الانتخابات النيابية الاخيرة اثبتت دقة أرقامنا وقراءتنا للواقع، وأظهرت الأحجام الحقيقية للجميع، بعيداً عن أي تبجّح أو تواضع في غير مكانهما.

وأثبتنا في هذه الانتخابات أننا من الأطراف السياسية القليلة التي تتخذ خياراتها بوضوح وتعرضها امام الرأي االعام قبل الانتخابات وليس بعدها، وتقوم باستفتاء على هذه الخيارات من دون ان تنقلب عليها بعد الانتخابات، لأن خياراتنا مبنية على اقتناع تام، ومنسجمة تماما مع مبادئنا، وتُتخذ بالتشاور معكم كما فعلنا بكل المرحلة السابقة لحسم الخيارات.

خضنا الانتخابات وأثبتنا تمسكنا على الصعيد الوطني بشعار “لبنان أولاً”، وهذا شعار غير قابل لأي مساومة، ولكن، وتحت سقف لبنان والقضية اللبنانية، نتمسك بشعار “زغرتا الزاوية” أولاً، وهذا الموضوع أيضاً غير قابل لأي مساومة، وأثبتنا بالكلمة وبالفعل أن زمن المساومات على مصالح زغرتا الزاوية وعلى حسابها انتهى الى غير رجعة.

وأنتم أثبتم في هذه الانتخابات أن اقتراعكم كان اقتراعا لخيار نجسده سوية وليس انتخاباً لشخص. اقتراع لخيار سيادي، خيار داعم للعهد، خيار إصلاحي، خيار إنماء وشراكة، خيار رافض لاستباحة زغرتا الزاوية وجعلها ساحة للمساومات. نعم، نحن واياكم وكل الجمهور السيادي في زغرتا الزاوية دفعنا ثمن منطق “مرقلي تا مرّقلك” في انتخابات الـ2009، ومن الـ2009 الى الـ2018، لهذا السبب رفضنا كـ”حركة استقلال” في الانتخابات الأخيرة أن تتحوّل زغرتا الزاوية، عن قصد أو عن غير قصد إلى مجرّد ساحة لرفع الحاصل الانتخابي ليفوز نواب من أقضية ثانية، هم أصدقاؤنا ونكن لهم المحبة إنما ليس أكثر من زغرتا الزاوية. هذه الوقائع التي نبّهنا منها قبل الانتخابات، أكدتها نتائج الانتخابات بالارقام، والخيار الذي اتخذناه منع تحويل الجمهور السيادي في زغرتا الزاوية ونضاله، مرّة جديدة، إلى فرق عملة في لعبة المساومات والحواصل الانتخابية.

نعم، وبالأرقام، أثبتت الانتخابات ايضا، بالكلمة وبالفعل، أن “حركة الاستقلال” رقم صعب لا يمكن تخطيه رغم 10 أعوام من التطويق والحصار ومحاولات الالغاء، واثبتت “حركة الاستقلال” انها ” قوة التوازن الحقيقي وثاني قوة شعبية في زغرتا الزاوية من دون اي لبس، وانها رابع قوة شعبية على صعيد دائرة الشمال الثالثة، ومن دون أي لبس ايضا. إنطلاقاً من هذا الواقع نعدكم بأن “حركة الاستقلال” متجهة باتجاه التنظيم والتأطير على صعيد الشمال كله لتنطلق منه باتجاه كل لبنان، بكل تواضع طبعاً إنما بكل فخر بحجمنا وبأرقامنا وبنهجنا.

وأثبتت الانتخابات وأرقامها أننا كـ”حركة استقلال” عندما نخاصم نخاصم بشرف، وعندما نتحالف نتحالف بشرف، ولا نلعب لا فوق الطاولة ولا تحتها ولا نمارس المناورات، وحين نتخذ موقفا نتخذه على رأس السطح وحين نعطي كلمتنا نلتزم بها على رأس السطح، فنحن لا نحيد عن مبادئنا وثوابتنا لو مهما حصل، وأن أحدا لا يستطيع ان يجعلنا نقول شيئا أو نقوم بشيء لسنا مقتنعين به مهما حصل، وأننا كـ”حركة استقلال” كنا وما زلنا وسنبقى رأس حربة في كل المعارك السيادية ولن نساوم ولن نهادن بأي موضوع سيادي، مثلما نحن مصرون على دعمنا للعهد وعلى الشراكة الحقيقية في البلد على كل المستويات، ومثلما نحن عنوان للشفافية ونظافة الكف والأداء… بالكلمة وبالفعل.

نحن كـ”حركة استقلال” حين نرفع شعارا نكون على قدر المسؤولية بالكلمة وبالفعل. حين نرفع الشعارات السيادية، نرفعها ونعنيها ونثبت عليها، ولا نقبل إلا بدولة سيدة حرة مستقلة على الـ10452 كيلومتر مربع، وسلاح واحد بيد الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية من دون أي شريك، واستراتيجية دفاعية تعني أن الدولة اللبنانية وحدها مسؤولة عن حماية الحدود من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى آخر الحدود البحرية في الغرب. وسياسة تحييد لبنان عن كل المحاور الخارجية ضمن الالتزام بالقضايا العربية المحقة. ولا داعي لأذكّر أن هذا الموقف الذي لا نحيد عنه، دفع ثمنه الرئيس رينه معوض دما.

ونحن ايضا كـ”حركة استقلال”، منذ تحرر لبنان من الوصاية السورية، رفعنا شعار الدفاع عن موقع رئاسة الجمهورية: هكذا فعلنا بعهد الرئيس السابق العماد ميشال سليمان، فكيف لا يمكن ان لا نقوم بالفعل ذاته في عهد الرئيس العماد ميشال عون، الذي شاء البعض أو لم يشأ هو رئيس قوي بكل ما للكلمة من معنى، قوي لأنه يمثل شريحة شعبية كبيرة من المسيحيين، قوي لأنه يحظى بدعم أكبر تكتل نيابي ونحن شركاء اساسيين فيه، وقوي بالممارسة لأنه أعاد الاعتبار لموقع رئاسة الجمهورية في المعادلة اللبنانية، ونحن نعتبر أن مقام الرئاسة هو لجميع اللبنانيين وفوق كل الاعتبارات. هذه هي المدرسة الشهابية، ونحن كنا دائما اولاد المدرسة الشهابية. (يعني أنه لا يمكن ان نطالب بحصّة للرئيس ميشال سليمان ونرفضها للرئيس عون، ولا يمكننا ان نرفض التطاول على الرئيس سليمان ونقبل بالتطاول على الرئيس عون).

حين نرفع شعار الشراكة الحقيقية لا يمكننا سوى ان نكون إلى جانب فخامة رئيس الجمهورية لاستعادة التوازن المسلوب منذ اغتيال الرئيس الشهيد رينه معوض، ولا يمكننا سوى ان نكون داعمين لنهج استعادة رئاسة الجمهورية دورها كرأس للدولة وكشريك فاعل في القرارات على كل المستويات.

ومن باب تعزيز الشراكة الحقيقية، نحن كـ”حركة استقلال” أيّدنا وشجّعنا منذ اليوم الأول كل خطوات المصالحة بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، ودعمنا اتفاق معراب والمصالحة التي تمت ودعينا لتوسيعها، لأننا اعتبرنا ولا نزال أن هذه المصالحة هي مصالحة تاريخية للأجيال القادمة، وهي ضرورة مسيحية ووطنية لطي صفحة الماضي الأليم، وحاجة استراتيجية لتعزيز الشراكة الحقيقية والتوازن المطلوب على الصعيد الوطني. يمكن  ان نفهم اليوم أن تكون المصالح السياسية المتضاربة قد اوصلت اتفاق معراب الى العناية الفائقة، لكن لا يجوز ان يطغى التكتيك على الاستراتيجية، وسأبقى مؤمنا بأن اتفاق معراب ضرورة استراتيجية ليس فقط على الصعيد المسيحي إنما على الصعيد الوطني، وسأستمر في السعي لتقريب وجهات النظر لمصلحة الجميع.

وعندما نرفع شعار الإنماء والشفافية، نقدّم النموذج امام الجميع كيف تكون الشفافية وباعتراف كل اللبنانيين والمؤسسات الدولية المانحة. الجميع يشهد لتجربة مؤسسة رينه معوض الناجحة في كل المعايير، والتي تحوّلت الى مثال يُقتدى به داخلياً وتشهد عليه المؤسسات الدولية.

نعم، حين نرفع شعار الإنماء ليس منّة، ننطلق من تجربة خضناها وما زلنا نخوضها يوميا في عملنا داخل مؤسسة رينه معوض التي لم تميّز يوما بين منطقة ومنطقة وبين طائفة وطائفة وبين لبناني ولبناني، وعملت بجهد مع المؤسسات الدولية المانحة محاولة منها لان تعوّض ولو بجزء بسيط من الحرمان الإنمائي الكبير في المناطق كافة.

هذا النموذج الذي نسعى الى ترسيخه وتعميمه لكي يبقى اللبناني في ارضه وبكرامته، وليس نموذج استخدام أموال الدولة لتنفيذ خدمات عشوائية مقابل ولاءات انتخابية ورفع يافطات شكر. في مفهومنا هذا ليس الانماء، ومعركتنا هي ان نضع حدا لمنطق الزبائنية والتبعية. هكذا يصبح الإنماء حق وليس منّة. الإنماء بالنسبة لنا سياسات وتخطيط لتكون كل خطوة نقوم بها ضمن إطار مشروع هادف، وليس مشروع من هنا ومشروع من هناك. علينا مناقشة السياسات الانمائية لتقديم الأفضل للجميع، وليس ان نحوّل المؤسسات العامة لباب للخدمات الشخصية ليستفيد البعض على حساب مصالح الجميع. من غير المقبول في العام 2018 ان نمنّن أهلنا بخدمات من الأموال العامة. هذه الأموال ملك للشعب.

ونحن كـ”حركة استقلال” حين نرفع لواء محاربة الفساد نكون بذلك نشكل قدوة للآخرين بأن نرفض مد يدنا على المال العام، ولو اضطررنا لأن نبيع أرض اجدادنا كي لا نتلوّث بأية شبهة فساد، وكي تبقى كرامتنا مصانة وقرارنا حرّ ومستقل. لم يعد بمقدورنا الاستمرار في لبنان مع سياسيين أغنياء وشعب فقير. لا نستطيع ان نبني دولة ضمن منطق المحاصصة والصفقات والسمسرات، ولا يمكننا طلب مساعدة المجتمع الدولي ونحن لا نمارس تقشفا في إدارة الشأن المالي ولا نطبّق أي خطوات إصلاحية ولا نوقف الفساد المستشري والزبائنية السياسية.

احد لن يساعدنا إذا لم نساعد انفسنا، ولا نتأمل أي شي من المساعدات الخارجية أو القروض أو المشاريع إذا لم نبدأ بالإصلاح الجوهري داخلياً، الإصلاح الجوهري والبنيوي في كل القطاعات وعلى كل المستويات، والإصلاح يبدأ بوقف الفساد وبالمحاسبة، وهذا ما يتطلب قضاء مستقلا بكل ما للكلمة من معنى. ويتطلب ايضا تفعيل دور المؤسسات الرقابية، هذه المؤسسات التي خلقت في عهد الرئيس فؤاد شهاب، نحن اليوم بعد 60 عاما أكثر ما نحلم به هو إعادة تفعيل هذه المؤسسات وتحصينها، بدل ان نكون نسعى لتطويرها أو حتى لخلق مؤسسات جديدة.

لا إصلاح حقيقيا، مهما خططنا على الورقة والقلم من دون فصل الإدارة عن السياسة. لا يمكننا ان نستمر في لبنان بتسييس كل شي. نسيّس الاقتصاد، ونسيّس القضاء، ونسيّس الرياضة ونسيّس الإدارة، حتى اصبح كل مدير عام وكل موظف تابع لمرجع سياسي. على الدولة اللبنانية ان تكون هي المرجع الوحيد للجميع، ويجب فصل الإدارة عن السياسة، ويكفي يتعاطى السياسيون بكل شي لأن الصراعات السياسية تدمّر المؤسسات  وتدمّر الإدارة. واجباتنا كسياسيين أن نخلق مناخات ملائمة للإدارة لكي تتمكن من العمل. واجباتنا كنواب ان نشرّع ونخلق القوانين المطلوبة وان نطوّر القوانين الموجودة، والتي بعضها من العصر العثماني، ونخلق بيئة حاضنة للاقتصاد لكي تتمكن الإدارة من اداء عملها، وواجباتنا ان نفعّل المؤسسات الرقابية لأنها هي التي تحاسبها. هكذا يبدأ الإصلاح، ومن المستحيل لأي إصلاح ان يتحقق إذا أراد السياسيون التدخل في كل شيء.

نحن كـ”حركة استقلال” حين نرفع شعار التعددية في زغرتا الزاوية وكسر الاحتكار في زغرتا الزاوية وإعادة التوازن إلى زغرتا الزاوية والشراكة بين زغرتا والزاوية نمارسه كل يوم وكل لحظة وبالكلمة وبالفعل. الخطوة الأولى في مسيرة كسر الاحتكار تحققت، ومنها سننطلق الى متابعة مسيرة الألف ميل. الانتخابات النيابية التي حصلت حمّلتني أمانة أصواتكم، ومن المستحيل ان أخون هذه الأمانة. أنتم لم توصلوني فقط الى مجلس النواب. عملياً وبواقع هذا القانون، كان بامكاني ان أفوز بلائحتي بأقل من 4500 صوت تفضيلي. أنتم اعطيتموني 8571 صوتا. وبهذا الحجم من التفويض منحتموني قوة وحملتموني أمانة. أنتم وضعتم ثقتكم بمشروع، والمشروع قبل الشخص. ومشروعنا لزغرتا الزاوية أن تعود مساحة للحرية والتنوّع والتعدد وأن ينتهي زمن الاحتكار، وزمن وضعها في إطار محدد، وزمن مصادرة قرارها وتاريخها لمصالح فئوية أو لمصالح خارجية للأسف.

التوازن في زغرتا الزاوية ليس أبدا مجرّد توازن بين قوى سياسية. التوازن هو توازن بين نهجين لإعطاء الناس حرية الخيار، وترسيخ حق التعددية، وكسر منطق الوكالة الحصرية بين الناس وحقوقها بالدولة.

والشراكة بين زغرتا والزاوية تعني الندّية بالعلاقة، وتعني أن للجميع فرصا متساوية لخدمة زغرتا الزاوية وخدمة لبنان. الشراكة بين زغرتا والزاوية تكون عمليا برفض التسلّط والاستئثار، وفي الوقت عينه تكون بمواجهة التحريض بين الزاوية وزغرتا الذي يؤدي الى إضعاف زغرتا والزاوية وكلنا في النهاية نخسر.

من هذا المنطلق، نحن بصدد تشكيل لقاء يضم رموز كل مكونات زغرتا الزاوية الجغرافية والأهلية، لنضع برامج مشتركة ولوضع سياسات عامة وإنماء زغرتا وكل قرى وبلدات الزاوية، لأنه بالشراكة نبني زغرتا والزاوية.

اسمحوا لي هنا ان أفتح هلالين صغيرين لأقول: كسر الاحتكار والدفاع عن الخيار التعددي لا يعني أبداً القطيعة أو علاقات متشنجة بين القوى السياسية.

نحن بالمطلق في زغرتا الزاوية كما في لبنان ضد “شخصنة” الخلافات وضد أن يكون الخلاف مطلق مع أي كان. في النتيجة، وبالرغم من خلافاتنا السياسية، نحن اولاد منطقة واحدة، ونحن أهل ومصرون على علاقاتنا الشخصية والعائلية والسياسية. زغرتا الزاوية تعنينا جميعنا ويجب ان نسعى دائماً للبناء على المشترك. وأنا مصر على الحفاظ على أفضل العلاقات مع صديقي وزميلي النائب طوني فرنجية ومع “تيار المردة” رغم الاختلاف في الرؤية والنهج السياسي، ويدي ممدودة لنعمل سوية مع كل القوى الحزبية والعائلية والمدنية، مع الحلفاء والاخصام بالمعنى السياسي، لما تقتضيه مصلحة زغرتا الزاوية، وقادرون ان نقوم بالكثير حين يكون القرار موجودا. لنأخذ مثل “نادي السلام زغرتا” الذي تمكنا ان نتعاون في سبيل مساعدته ودعمه، وهذا النادي تمكن بفترة قصيرة جداً ان يتحول الى منافس دائم على لقب بطولة لبنان بعد ان حقق لقب كأس لبنان، كما تمكن فريق الناشئين في نادي السلام ان يجمع شباب زغرتا الزاوية من كل الانتماءات ويبني جيلا رياضيا للمستقبل يبشّر بالخير، وهذا الامر لمصلحة كل أهل زغرتا الزاوية وشبابها وتمّ بتعاوننا كلنا.

نعم، يدنا ممدودة للتعاون، لكن مد اليد وبناء الجسور لا يعني أبدا تغطية تسييس الإنماء والزبائنية والمخالفات والفساد والفشل.

اسمحوا لي ان أتكلم بكل صراحة: نحن اتخذنا قرارا في الانتخابات البلدية وخطينا خطوة في مسعى للقيام بعمل مشترك باعتبار أن البلديات هي الحكومات المحلية ومنها ينطلق الإنماء. وسعينا حينها لكي لا تتحول الانتخابات البلدية الى معركة تصفية حسابات رئاسية لا تقدم ولا تؤخر في الانتخابات انما أن تكون على حساب زغرتا الزاوية وإنمائها. خطينا هذه الخطوة ولامني كثر منكم في وقتها، ونحن لم نذهب باتجاهها لا من باب المحاصصة ولا من باب السلطة، إنما لنشبك يدنا ونضع خلافاتنا السياسية جانبا ونحاول ان نغيّر في النهج البلدي القائم حتى نتمكن من مواجهة التحديات في منطقتنا على مستوى الإنماء، التخطيط، البنى التحتية، النفايات، التلوث، وكل القطاعات الاقتصادية ليتمكن اهلنا واولادنا من العيش بكرامة. حاولنا ووضعنا من رصيدنا ومصداقيتنا، ولكن اليوم أمامكم سأعترف أن رهاننا بالتعاون البلدي فشل.

رهاننا فشل لأنه لم يتم احترام التعهّدات المعلنة وغير المعلنة، وأوضح مثال هو رئاسة الاتحاد. رهاننا فشل لأن بقي هناك من يصرّ على أن تبقى البلديات أداة للخدمات الانتخابية والتوظيف العشوائي يستفيد منها البعض وليس مؤسسات للإنماء يستفيد منها الجميع. رهاننا فشل لأنه تم ايقاف او عرقلت مشاريع إنمائية لمجرد أننا نحن من قام بتقديمها، ومنها مثلاً تنظيف نهر أبو علي ومشروع إدارة النفايات الصلبة في القضاء. رهاننا فشل لأنه لم يتم انجاز الإصلاحات البنيوية الأساسية بملفات الموظفين وآليات الشراء والشفافية. حتى التكليف بالضريبة البلدية يتم خلافا للقوانين وعلى أساس الولاء السياسي وليس على أسس المعايير القانونية!

حاولنا. طالبنا. قاومنا. اعترضنا. عارضنا من الداخل، ولكن دون جدوى، لأنه تمت مواجهتنا بالوعود الكاذبة، وبالمماطلة وبعدم احترام الاتفاقات على كافة المستويات حتى داخل المجلس البلدي على أطر العمل ومأسسة البلدية، وللأسف لليوم لا محاضر حتى لجلسات المجلس البلدي. لنكن واضحين: لن نقبل بعد الان ان نكون شهود زور بالمجلس البلدي. فاحتراماً لصدقيتنا بطرحنا، ولإرادة الناخب ولحسّنا بالمسؤولية ولمصلحة زغرتا الزاوية، أخذنا القرار برفع الغطاء السياسي عن بلدية زغرتا، الامر الذي سيترجم بفترة قريبة جدا من خلال استقالات وخطوات واضحة وعلنية ستسمعوها وتعرفونها لاحقا، اذا لم يحصل تغييرا سريعا وجذريا في الاداء. اعلن عن هذا القرار اليوم وليس من قبل لأعطي من جهة كل الوقت اللازم لتصحيح الوضع، ومن جهة اخرى كي لا يرتبط هذا القرار بمعركة الانتخابات النيابية، موقفنا انمائيا وليس سياسيا.

وثانيًا، اننا نقول بفترة قريبة جدا وليس الآن لأن وساطة قد حصلت منذ بضعة ايام من قبل الرعية في سبيل السعي الى معالجة الامور من خلال العودة للاتفاقات المعقودة على مستوى اتحاد البلديات وبلدية زغرتا، وان حصل هذا الامر، فبذلك علينا ان نقتنع جميعا انه ربح للجميع وليس ربحا لطرف على حساب طرف آخر، فكل زغرتا الزاوية خاسرة في الوضع القائم اليوم. “يلي شرب البحر ما رح يغص بالساقية”، وسنعطي هذه الوساطة الفرصة اللازمة بكل ايجابية تحت سقف مصلحة زغرتا الزاوية واهلنا في زغرتا الزاوية وبعيدا عن اي اجندات سياسية، من دون ان نقبل او نغطي بأي شكل من الاشكال استمرار الواقع الحالي وسياسية التسويف والمماطلة.

 

في المقابل، لم نتخلى ابدا عن التزاماتنا الإنمائية. وإنطلاقاً من خبرتنا الإنمائية ومن موقعنا النيابي وفي التكتل الذي نحن شركاء فيه، ومن التفويض الذي منحتموني اياه، سوف نبرهن بالكلمة وبالفعل أننا سنعيد الإنماء الى زغرتا الزاوية، وهو ما بدأناه مع وضع حلّ شامل وتدريجي لتلوث نهر رشعين ولمشكلة المياه والصرف الصحي في زغرتا وساحل قضاء زغرتا. ( ولا يسعني هنا سوى ان أشكر الوزير بيار رفول على كل الجهود التي بذلها في هذا الإطار) هذه البداية، والإنماء البنيوي والمستدام سيطال ساحل ووسط وجرد زغرتا الزاوية.

أصدقائي، رفاقي،

اسمحوا لي في الختام ان اتطرق الى موضوع عزيز جدا على قلبي، لا بل الأحب على قلبي. كما وعدتكم العام الماضي، وبعد الإنجازات الي حققتها “حركة الاستقلال” في الانتخابات في الداخل على صعيد زغرتا الزاوية ودائرة الشمال الثالثة، وفي الخارج على صعيد تصويت المغتربين، بدأ العمل على صعيد إعادة إطلاق الحركة كحزب سياسي منظم ومتطور وعصري إنطلاقاً من الشمال لكل لبنان. ووعدنا أن تكون “حركة الاستقلال” حزب منفتح، ديمقراطي، حزب يؤمن بلغة الحوار والانفتاح والتواصل، حزب مدّ الجسور بين اللبنانيين، من دون ان يساوم على أي مبدأ من مبادئه. حزب سيادي لكن غير منغلق. حزب صلب لكن مرن، نعم حزب المرونة الصلبة. حزب لا يساوم إنما يحاور. والأهم أنه سوف يكون حزبا يحمل برامج إصلاحية وعصرية ليطرحها في كل القطاعات لأن هدفنا ان نحمل طروحات لا ان نناكف بالسياسة للمناكفة. باختصار ستكون “حركة الاستقلال” حزب يحمل مشروع دولة فؤاد شهاب وثوابت ونهج رينه معوض، ويحمل حلم كل شاب وشابة في لبنان بدولة عصرية وحديثة ومزدهرة.

ومن هنا ادعو الجميع، وخصوصاً جميع أهلي بزغرتا الزاوية لأنهم النواة، ولأن زغرتا الزاوية كانت مهد إنطلاقة الحركة، وادعو كل أهلي في الشمال أن “يشمّروا عن زنودن” وينضمّوا لنا لأن ورشة العمل كبيرة، ولبنان بحاجة لكل الطاقات ولكل الأوادم.

لهذا، وبختام كلمتي الطويلة، وتكريماً لكل شباب وصبايا “حركة الاستقلال” في لبنان وفي الخارج من أستراليا للولايات المتحدة وكندا ودول أميركا الجنوبية وما بينهما، ولكل شخص تعب وضحّى بأصعب سنوات مرت علينا، اسمحوا لي ان أدعو بعض الرفاق المسؤولين بالحركة، ويا ليت المسرح يتسع للجميع، اسمحوا لي ان أدعوهم باسمكم لنشكرهم على كل الجهود التي بذلوها، ولنشرب سوية نخب الإنطلاقة الجديدة التي سنعيشها سوية قريبا، والتي من خلالها سينضم لفريقنا نخب وطاقات جديدة.

Leave a Reply