الفرق كبير بين حرية التعبير وبين أن تصبح أي وسيلة إعلامية أو صحافي آلة ترويج للقتل والتخوين والتهديد. إن لبنان هو بلد الحرية من دون منازع، وهو بلد الحرية الى درجة أنه يحتوي عددا هائلا من وسائل الاعلام (صحف ومجلات وإذاعات وتلفزيونات ومواقع الكترونية ومدونات) نسبة الى عدد سكانه مقارنة بهذه النسبة في أي دولة من دول العالم العريقة في ديمقراطيتها. ولكن أن تتحوّل هذه الحرية ضوءًا أخضر للترويج لآلة القتل ولتهديد الرأي العام والكتّاب والسياسيين والنواب والوزراء وصولا الى رئيس الجمهورية، فهذا لم يعد يُسمّى “حرية تعبير” أو “حرّية رأي” بل بات جريمة موصوفة يجب أن يُعاقب عليها القانون ويجب أن تُتخذ بحق مرتكبها العقوبات المناسبة التي تنصّ عليها القوانين المرعية الإجراء.
إنني وإذ أقدّس الحرية، وقد دفعنا ثمنها دماً عزيزاً على مر السنين في لبنان، فإنني أقدّس أيضا مبدأ وجود الدولة وهيبتها وأرفض التطاول على رمز الدول المتمثل بفخامة رئيس الجمهورية، كما أرفض أن يعتبر أي انسان نفسه فوق القوانين انطلاقاً من محاولة استقوائه بحملة السلاح غير الشرعي. وأعتبر أننا اليوم على مفترق طرق خطر بين أن ندعم قيام دولة ديمقراطية عبر تكريس هيبتها وهيبة القضاء والخضوع للقوانين وبين أن نشهد سقوط ما تبقّى من أعمدة الهيكل على رؤوس الجميع.
أنا مع الحرية من دون تردّد. ولأنني مع الحرية أنا مع فخامة الرئيس ومع منطق الدولة وهيبتها، لأنه إذا سقطت الدولة نصبح في غابة ولا يبقى لا حرية ولا من يحميها. إن بعض الذين يطالبون بالحرية إنما هم يروّجون ويدعمون الميليشيات خارج الدولة، ويدافعون عن مرتكبي الاغتيالات وإيديولوجياتهم الشمولية الإلغائية ويعملون للقضاء على ما بقي من معالم الدولة وأسس الحرية.
في كل الغبار الاعلامي الذي يُثار في لبنان اليوم لا يمكنني أن أتضامن مع السيّد ابراهيم الأمين، لا بل أنا أتضامن مع كل ضحايا مثل هذه الممارسات، تحريضاً بالقلم، وأطالب بإنصاف حرية التعبير والرأي في لبنان وتبرئتها من هذه الممارسات!
أنا متضامن بالكامل مع فخامة رئيس الجمهورية في وجه الحملة التي يتعرّض لها، أحيي وزير العدل اللواء أشرف ريفي على خطوته الجريئة بإحالة المقال الى النيابة العامة التمييزية وأطالبه بإضافة المقالات اللاحقة والسابقة للكاتب والتي تتضمّن تهديدات خطرة، كما أشدّ على أيدي جميع الصحافيين وأرباب الفكر في لبنان الذين دافعوا عن حقّهم بالتعبير بإدانة ارتكابات ابراهيم الأمين… نصرةً للحرية!